يكمن تأثيرُ الخطابِ النّبويِّ الفعّال في أنّ الرّسول ــ عليه السّلام ــ جعل اللّغة ملكًا لمنشئها، وتحت تصرفه، وإنْ كانت مشاعًا بين النّاس؛ فأبدع بها نصًا عظيمًا، ليس فيه صورة لنفسيّة فرْد؛ إنّما هو مرآة تكشف نفْس كلّ فرْد. فلقد قاد النّاسَ بالكلمة، فانقادتْ له طواعية وسُخِّرتْ لخدمته، فحملتْ أفكارَه ومواقفه ومبادئه السّامية؛ فتحدّدت بذلك ملامُحها النّبويّة واستوعبت مع معناها المعجميّ قيمَ الدّلالة النّفسيّة والاجتماعيّة والدّينيّة في خطاب النّبوّة، فصارتْ للكلمة به حياة؛ وسيبقى لها سبب الوجود.