كنت جالسًا في كافتيريا المطار في انتظار قهوتي؛ حيث أخبروني بأنهم سينادون اسمي عندما تكون جاهزة. فظللت أتفقد هاتفي الجوال؛ لا لسبب معين، وإنما لمجرد أنني اعتدت ذلك؛ فهذا دأبنا جميعًا – التحديق وحسب إلى شاشات هواتفنا. فتارة أطالع موقع فيسبوك، وأتفقد البريد الإلكتروني تارة أخرى، أو موقع تويتر، ولا أفعل شيئًا سوى النقر بإصبعي، إلى أن نادى أحدهم اسمي، قائلًا: “سايمون؟”. أخذت القهوة قائلًا له: “شكرًا لك”. كنت قد طلبت قهوة بالحليب قليل الدسم تجنبًا للمزيد من السعرات الحرارية، رغم أن تحليتها بقطعتين من السكر “سيضيف المزيد من هذه السعرات”. كما لا أعلم لماذا طلبت قهوة بالحليب أصلًا، على الرغم من أن الحليب يجعل بطني يمتلئ بالغازات. فلو كنت قد طلبتها خالية من السكر، لكانت أفضل، على الرغم من سوء مذاق ذلك النوع من القهوة. في الحقيقة كنت مضغوطًا، والأفكار العشوائية تعبث برأسي، وقد كنت غاضبًا ومتوترًا جدًّا في الآونة الأخيرة. أعتقد أنني قضيت وقتًا مشحونًا على المستويين المهني والشخصي، كما طُلب مني السفر من ملبورن، محل إقامتي، كي أجري عرضًا تقديميًّا في مؤتمر البرمجيات المُقام في برشلونة، ورغم سعادتي بهذه التجربة، فإنني كنت أرى أن إجراء عرض تقديمي لا يستحق السفر هذه المسافة الطويلة، فهو أمر يمكن القيام به من خلال جهاز الكمبيوتر الخاص بي، ولكنه مؤتمر شركتنا الدولي الذي كنت سأعرض فيه نتائج الفريق الأسترالي، وعلى أية حال إنها رحلة إلى برشلونة! ثم سمعت خلفي صوتًا مألوفًا. استدرت فرأيت سيدتين مستغرقتين في محادثة. وبعد لحظة، استوعبت المشهد واستطعت تمييز سارة؛ زميلتي في المدرسة الثانوية منذ سنوات عديدة. وعندما رأتني قالت:” مرحبًا أيها الغريب، سايمون! كيف حالك؟ سررت بلقائك!”. فرددت قائلًا: “وأنا كذلك”؛ لتبتسم هي. وبمجرد أن رأيت عيني سارة أذهلتاني، وكثيرًا ما فعلتا؛ فقد كانتا زرقاوين، ولامعتين، وواسعتين. ثم اعتذرت إليها، قائلًا: “آسف، لم أكن أقصد أن أسترق السمع، لكنني سمعت صوتًا مألوفًا لديَّ؛ صوتًا أثار فيَّ حنينًا إلى الماضي”. فقالت سارة: “بالطبع!”، ثم أشارت إلى صديقتها التي أمامها، قائلة: “هذه صديقتي إميلي”. فابتسمت إميلي ابتسامة خافتة، وردت بهدوء، قائلة: ” سررت بلقائك، سايمون”، فشعرت بأنها شخصية هادئة بدرجة لافتة للنظر؛ ما جعلني أشعر بالفعل بالاستياء من وجودها. قطعت سارة الحديث لتتصدر المشهد مرة أخرى، قائلة: “ماذا تفعل هنا وحدك؟ من الواضح أنك مستعد للسفر”. فأجبتها، قائلًا: “سأتوجه إلى برشلونة، أو إلى سنغافورة ومنها إلى برشلونة؛ لحضور مؤتمر للبرمجيات. أتمنى أن تكون رحلة ممتعة؛ فأنا لم أذهب إلى هناك من قبل، إنه فصل الصيف في برشلونة على أية حال، ولا بد من أنه جميل”. ابتسمت سارة، قائلة: “إذن، هل عليك الذهاب إلى أي مكان الآن أم تود الانضمام إلينا؟”، وأشارت إليَّ إميلي بالجلوس