على مدار السنوات العشرين الماضية ، أسست العديد من الشركات التكنولوجية الناشئة ، وخلال هذه الفترة لاحظت انتشار ظاهرة جديدة ؛ فقد أصبح فشل الشركات الناشئة
في مجال الأعمال التجارية ؛ الأمر الذي تخطى أثره مجرد الخسارة المالية التي يتكبدها المستثمرون ، فذلك الفشل الذي عانيته أكثر من مرة خلال رحلتي في تأسيس الشركات قد
، وفي أسرتي ، وزملائي ، ، . فبينما كنت في منزلي أضمد جراحي بعد فشل مشروعي الأخير ، أخذت فكرة تأليف هذا الكتاب
خيالي ، وسرعان ما استبدت بي هذه الفكرة ، وتحولت إلى هاجس ؛ فبدأت أتحدث إلى مؤسسي بعض الشركات ، ولم أندهش مما أطلعوني عليه ، فالعديد من المؤسسين الجدد
الذين تحدثوا معي كانوا تائهين ، ويسيرون في طريقهم بغير هدى ولا دليل ، كما أن المؤسسيين ذوي الخبرة كانوا في حالة من الانهيار والتوتر ، ويتملكهم شعور بالوحدة والعزلة
، بعدما انقطعت بهم سبل الحصول على الدعم ، فاتخذت بتأليف كتاب عن فشل الشركات الناشئة ؛ لأنقل خبرتي في تأسيس الشركات إلى مؤسسي الشركات الآخرين. وسرعان ما اكتشفت
أن فشل الشركات الناشئة أمر متأصل في المنظومة ككل ، فهناك مفاهيم وتطبيقات خاطئة ما عن فكرة ” الفشل السريع ” دون تفكير عميق ، فالنهج التقليدي للمستثمرين
المغامرين في مواجهة الفشل هو وضع الكثير من الرهانات ، على الفكرة التي مفادها أن معظم الشركات الناشئة تفشل ، ولكن القليل منها يتحول إلى ” شركة يوني كورن
” وتحقق ، وتدر عظيمة تعوض كل الخسائر ، هذا النهج مدمر للغاية. إن أمر الخسارة المالية الناتجة عن فشل الشركات الناشئة معروف ومفهوم إلى حد
ما لدى الجميع ، ولكن الأمر الخفي الذي يجهله الكثيرون هو حجم الخسارة البشرية التي بها هذه الشركات الناشئة الفاشلة ، ولقد رأيت ذلك الجانب المظلم للشركات الناشئة :
فقد ذكرت دراسة استقصائية أن 94 من مؤسسي الشركات قد أصيبوا ببعض المشكلات النفسية ، فقد اعترف أكثر من 3 منهم بأنهم أصيبوا بالاكتئاب ، كما اعترف 72منهم بأنهم يعانون
، فهل كنت تصدق أن مؤسسي الشركات منهكون إلى هذا الحد ؟! ولكن ، أليس من المفترض أن يكون تأسيس الشركات الناشئة ؟ ألم
نعهد رؤية تلك الابتسامة التي تعلو وجوه مؤسسي الشركات الناشئة الناجحين الذين تتصدر صورهم صحف الأعمال عندما يحققون ، أو يطرحون شركاتهم للاكتتاب العام ؟ إن ثقافة ”
أستطيع أن أحقق النجاح بكل سهولة ” تجعل من الصعب على المؤسسين الاعتراف بالمعاناة.