الإطار القانوني للقاضي المدني عبر الانترنت

إن التطورات التكنولوجية الحديثة التي رافقت الثورة المعلوماتية ( ) في السنوات الأخيرة قد اقتحمت مناحي الحياة كافة ، حتى باتت سمة هذا العصر الذي عرف بعصر المعلوماتية ( ) ، وربما كان النظام القضائي في أغلبية البلدان بمنأى عن هذه التطورات على التصور السائد بضرورة مراعاة الشكلية التي كانت ولا تزال تشكل جملة عراقيل تعيق ممارسة الإجراءات القضائية وتهددها بالبطلان إذا خالفتها ، ومع ذلك فإن الاعتماد على تقنيات الحاسوب الآلي في إدارة العمل القضائي مهد السبيل للتفكير في الاستفادة من منجزات تكنولوجيا المعلومات ( ) منذ تسعينيات القرن المنصرم ، وعلى الأخص في البلدان المتقدمة في هذه التكنولوجيات كالولايات المتحدة الأمريكية التي خطت محاكمها الإرهاصات الاولية لإدخال الأنظمة الإلكترونية في الدعاوى القضائية ، حتى وصل الأمر إلى المحكمة الفيدرالية العليا ( ) عندما خطت الخطوة الإلزامية الأولى نحو الأخذ بنظام السجلات الإلكترونية والاعتماد على الرسائل الإلكترونية في تقديم الطعون اليها بعد تفشي مرض الجمرة الخبيثة ( الأنتراكس ) التي تم بسببها إغلاق مبنى المحكمة العليا في 21102001. وهكذا دخلت السندات الإلكترونية ( ) بوصفها الأسلوب الحديث والمتطور للكتابة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني على الدعامات غير الورقية في مجال الإجراءات القضائية لتمثل التحدي الأكبر والأهم لشكلية الإجراءات المتمثلة بالكتابة على الورق في منظومة العمل القضائي برمته ، وبدأت موجة من تعديل قوانين المرافعات المدنية تهب برياحها بعض البلدان المتطورة في مجال تكنولوجيا المعلومات لتنظيم مسألة حوسبة النظام القضائي والاعتماد على تقنيات الحاسوب الآلي والإنترنت في مجال التسجيل الإلكتروني للدعاوى القضائية ، وظهرت مصطلحات التقاضي الإلكتروني ( ) والمحاكم اللاورقية ( ) ورفع الدعاوى عن بعد ( ) في هذه الأنظمة القضائية بعد أن تم الاعتماد عليها في إطار نظام وسائل التسوية الإلكترونية للمنازعات ( ) من قبل بعض الهيئات والاتحادات المهنية وأثبتت نجاحها في تسوية منازعات التجارة الإلكترونية ( ). ولم يتوقف صدى هذه الموجة في البلدان المتقدمة فحسب ، بل وصلت تجلياته إلى الأنظمة القضائية في بعض البلدان العربية لغرض التحاور معها والاستفادة منها في مجال العمل القضائي لتنظيمها في منظومة تشريعاتها المتعلقة بالنظام القضائي.