ذنبي انها امي

ظلت ريفال في دار الأيتام حتى أنهت دراستها الثانوية. طيلة هذه الفترة لم يزرها أحد من أفراد عائلتها ، وكأنها لقيطة لا عائلة لها. خرجت ريفال من دار الأيتام تحمل حقيبتها لتبدأ رحلة البحث عن الذات ، رحلة اكتشاف أقسى من رحلة اكتشاف كولومبس بما فيها ، أو رحلة ابن بطوطة وما شاهد… فيها من عجائب ؛ فإبن بطوطة كان يسجل تلك العجائب ليتعلم منها. أما عجائب ريفال فتقشعر لها الأبدان ، وتسجل وصمة عار على جبين الأم وأمومتها ، وما تبقى من عائلتها التي تتكون من الأب المقعد والمريض ، والأم التي ساعدت بتشتيت الأسرة ، وثلاثة أشقاء كل واحد منهم سلك بعد أن ضاقت بهم سبل الحياة. عبر هذا الفضاء الروائي تدور أحداث رواية « ذنبي أنها أمي » للكاتب عبد الله سعيد باقلاقل ، وبين البداية النصية ونهايتها أحلام تغادر ، وإحباطات متعددة ، وصراع نفسي ، وصراع مجتمعي ، ولحظات ضعف ، ولحظات قوة تعيشها ” ريفال ” الشخصية الرئيسية في الحكاية التي تظهر بموقعها كأنثى على الرغم من كل الصعوبات التي تقف حجر عثرة في طريقها ، وهكذا تقرر ريفال البحث عن أسرتها بعد خروجها من دار الأيتام تريد الإجابة عن سؤال يفرض نفسه عليها طيلة فترة مكوثها في الدار. لماذا تخلت عنها والدتها ؟ ما الذنب التي اقترفته ؟ لماذا يقبع والدها في للمسنين ؟ أين هم أخوتها الثلاثة بعد أن تخلت الأم عنهم ؟ في الخطاب الروائي استخدم باقلاقل تقنيات روائية ليقول حكايته ، ومنها الراوي العليم المحايد فكان مجرد للأحداث ، يرويها ويلقي عليها الضوء دون تدخل مباشر منه ، كما يستخدم تقنية تعدد الرواة ، ويزاوج بين المرئي والمسموع ؛ نصه بحوارت يسمعها المتلقي خلال حركة الشخصيات وحديثها عن ماضيها وحاضرها ، وتتنوع هذه الحركة بين رصد الأحداث والأشياء الخارجية بالسرد داخل كل شخصية لجس نبضها وقراءة أفكارها واعتمالاتها النفسية ، يترافق هذا مع استقلالية للمشهد الروائي بواسطة الترقيم ( 22 ) استطاع المحافظة على استقلالية كل واحد منها ، لنا الإطار الذي تدور فيه الأحداث ، ووضع كل حدث في الفضاء المناسب.