الفارس

4.50 ر.ع.

” لما أعدم أبوه ، قضت أمه تحبها .. ذلك هو ( كلومبو ) ربيب جمهورية ( سيينا ) الإيطالية ، الذي اصطنع من الانتساب إلى هذا الموطن من لقب الأب ، رغم عراقة

متوفر في المخزون

الكود:
9789776592223
المؤلف

جونسون ماك كوللي

الناشر

دار نبته

الوصف

” لما أعدم أبوه ، قضت أمه تحبها .. ذلك هو ( كلومبو ) ربيب جمهورية ( سيينا ) الإيطالية ، الذي اصطنع من الانتساب إلى هذا الموطن من لقب الأب ، رغم عراقة المحتد ونبالة الاسم. فقد كان والده سيد إقطاعية ( تيراروسا ) فتنكرت له جمهوريته ( فلورنسا ) وجردته من سلطانه ثم أعدمته بتهمة الخيانة. وكان… ( كلومبو ) في العاشرة من سنة ، حين كتب عليه اليتم والتشريد وواجه الدنيا أعزل. ولولا أن هيأت له المقادير من رهبان ( الفرنسيسكان ) تولاه بالرعاية والعطف وعصمه في طفولته من عوادي السوء ، لكان نصيبه الخسران والهلاك. فلا شب الفتى وترعرع ، وارتقى في مدارج النمو والاكتمال ، دار التفكير في اختيار المكان الذي ينبغي أن يحتله في الحياة ، فكان من رأي خاله الراهب أن يستعين بنفوذه الملحوظ لكي يعيد إلى الفتى تلك المنزلة التي كانت لأبيه من قبل والتي جردته من خيانته. بيد أنه لم يكد يتقدم بهذا الرأي ، حتى بادره ( كلومبو ) بأشد الاعتراض : ما دام تجريد أبي كان ، فهو كفارة عن فعلته ، وهو بهذا رافع لآثارها ، مزيل لوصمتها.. فإذا نحن استرجعنا الكفارة ، بقيت الإدانة قائمة ، والتبعة ماثلة.. وإذن ، فمن الخير لا تنقص مما كان. وهكذا أذعن الراهب ، بعد طول جدال ، إلى صواب رأي الفتى ووجاهة حكمه ، وصفاء منطقه ، وأنشأ يتدبر أخرى لتحديد مستقبله. وقد زعم الفتى ( كلومبو ) حين تعاقبت عليه الأعوام أن ميوله الطبيعية واتجاهاته الفطرية تتجه به إلى الموادعة والمسالمة.. فهو يحب الطبيعة ويعشقها إلى حد الهيام ، ومن كان هذا شأنه خليق أن يكرس نفسه لخدمتها ، وأن ينحو في مستقبله مناحي زراعية صرفة… وإنما شاءت المقادير كذلك ، أن يدرك هذا الفتى في صباه ، إن من يولد في ذلك المعترك الصاخب الذي يضطرم أوامره في شبه الجزيرة الإيطالية ، وخاصة في النصف الثاني من القرن الرابع عشر ، يتعين عليه أن يبادر فيقطع برأي في أي المعسكرين يختار وإلى أيهما ينحاز : معسكر ( النعاج ) ، أو معسكر ( الذئاب ) ، مادام أبناء جلدته كلهم في ذلك الوطن الجياش بالمعارك والاضطرابات مندرجين تحت هذا الوصف أو ذاك ، ولا معدى لأحد عن القطع برأي في هذا الاختيار الغلاب. نعم.. فقد كان النعاج هم العاملون الكادحوم من التجار والفلاحين والصناع وحتى رجال الدين. وكان ( الذئاب ) هم طبقة الأمراء ومن يعملون تحت امرتهم في معاركهم الناشبة من أجل تلك الأرض التي يستمد منها أولئك العاملون الكادحون وجودهم ، وإذا اختار الإنسان أن يكون ، ، للقانون ، فهو هدف للعدوان والأذى ، والسلب والنهب ، بل التذبيح والتقتيل. وقد تدبر ( كلومبو ) هذا كله ، فرأى أن ميوله الفطرية ، وإن كانت لا تغريه بأن يكون من ( الذئاب ) ، فهي تنأى به أن يصبح من ( النعاج ). ذلك كان تفكير ( كلومبو ) وتقديره.. وإنما جاء تاريخ حياته منهما على تمام النقيض. فقد عرف منذ صباع ، أن ذلك البيت النبيل الذي نجم منه قد زال من سجل النبلاء ، فذهبت تراوده على مدى الأيام حوافز مبهمة تحدوه وتطمع به إلى ابتناء نبالة جديدة أبهى من نبالة أسرته البائدة ، قوامها من صنع يديه وصياغة عبقريته. وما دام قد قضي عليه ألا يكتسب اللقب الموروث ، إلا بالخزي وبالعار ، فهو أهل لابتداع مجد طريف ، يفاخر به من بعده الأبناء ، ويزهو الأحفاد. وهكذا تتوالى أحداث قصة ” الفارس ” لرافاييل ساباتيني ، والتي تنتهي باجتماع الحبيبين ” سماريتانا وكلومبو “.