على الطريق

2.70 ر.ع.

“ها قد رحل دين، فكرت، وقلت بصوت مسموع “سيكون بخير”. وانطلقنا الى الأمسية التي لم تكن لدي أي رغبة فيها وكنت طوال الوقت أفكر بدين وكيف سيقطع بالقطار ثلاثة آلاف ميل على تلك الأرض الرهيبة، ولم يكن قد جاء أصلاً لرؤيتين.

غير متوفر في المخزون

الكود:
9789957008758
المؤلف:
هانى الديك
الناشر:
دار الشروق الاردن

الوصف

“ها قد رحل دين، فكرت، وقلت بصوت مسموع “سيكون بخير”. وانطلقنا الى الأمسية التي لم تكن لدي أي رغبة فيها وكنت طوال الوقت أفكر بدين وكيف سيقطع بالقطار ثلاثة آلاف ميل على تلك الأرض الرهيبة، ولم يكن قد جاء أصلاً لرؤيتين. إذاً، في أميركا، حين تغيب الشمس، وأجلس على. . . الرصيف المحطم عند النهر ناظراً الى السماوات الممتدة فوق نيوجيرزي، شاعراً بكل تلك الأرض الخام تمضي بلا توقف عند الغرب، وكل تلك الطرق تمضي، وكل الناس يحلمون، وفي أيوا أعرف أن ثمة الآن أطفالاً لا بد أنهم يبكون في الأرض التي يسمح فيها للأطفال بالبكاء، والليلة ستشرق النجوم، ونجمة المساء تلقي شعاعها المتوهج على البراري، قبل هبوط الليل الكامل الذي يبارك الأرض، ويعتم كل الأنهر، ويحجم ذرى الجبال، ويطوي الشطآن، ولا أحد يعرف ماذا سيحدث لأي كان سوى رثاثة وبؤس أن يصير كهلاً، أفكر في دين مورياتي، أفكر حتى في دين مورياتي العجوز، الأب الذي لم نعثر عليه أبداً، أفكر في دين موريارتي. ” ان ما حاول جاك كرواك انجازه في دراسته “على الطريق” هو في تحويله الشخصية “البيت Beat” خصوصاً عبر بطل روايته دين موريارتي التي يتمحور العمل حولها، الى نوع من الأسطورة الجديدة، الى حامل رسالة فقدت، والى بطل جديد من الغرب الأمريكي” مثلما يقول في بداية الرواية، فاتحاً الطريق واسعة أمام جيل جديد من الشباب التواق الى التعبير عن نفسه، الباحث عن هوية مغايرة لما تحاول المؤسسة الرسمية المحافظة، السياسية والإجتماعية والثقافية، ارساءه في أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية وبدايات “الحرب الباردة”. و “بيت Beat” هي لفظة تعني صفة في المحكية الأمريكية اليومية للشخص المتعب، أو الرث، أو المنبوذ، أو الهامشي، وهي صفة لجيل ظهر بعد الحرب العالمية الثانية الذي “يعرّف” فيه جون كللون هولمز “جيل البيت” ويميز بينه وبين “الجيل الضائع” التي أطلقها غرترود شتاين، والتي تدل دلالة واضحة: أنهم الكتاب (الأميركيون، خصوصاً) الذين نشأوا أو كتبوا انطلاقاً من تجربة الحرب العالمية الأولى. وبالعودة، فانه اضافة تعبير “جيل” الى “البيت” كانت كافية للاشارة الى ولادة شيء كبير ومهم وجوهري، يبحث أصحابه عن مكانة يرون أنهم يستحقونها، لتتحول “الهزيمة” في المحمول الأساسي للكلمة الى “انجاز”، و”التعب” الى “صحوة” و “الهامشية” الى “حضور وانتشار” و “الرثاثة” الى “سموّ ورفعة”. هكذا يحوّل الرواية “على الطريق” سال بارادايز (أي جاك كرواك، لاحظ الدلالة في اسم بارادايز “الجنة”) بطله دين موريارتي، من “خريج سجون مستلب بالاحتمالات الثقافية الرائعة” الى “بنى” معاصر، “لم يمارس الاحتيال الا لأنه الى هذا الحد أراد أن يعيش”، ليصبح الروائي “كراوك” نفسه، على نحو ما، ناقل هذه الرسالة، وليصبح بالتالي “رسولاً”موازياً، ولتصبح “على الطريق” هي الرسالة بعينها. “آه، حسناً يا رجل”، قال دين، “لقد كنت استكشفك طوال سنوات بشأن مسألة الزواج والبيت وكل هذه الأشياء الرائعة التي تملأ روحك”. كانت ليلة حزينة، ومرحة أيضاً، في فيلادلفيا قصدنا مطعماً صغيراً وتناولنا الهامبرغر بآخر دولار معنا مخصص للوقود. كانت الثالثة فجراً وحين سمعنا صاحب المطعم نتحدث عن المال عرض علينا أن يقدم لنا الهامبرغر مجاناً، إضافة إلى مزيد من القهوة، إذا ما قمنا بغسل الأطباق في مطبخه، لأن الموظف الذي يفترض أن يقوم بذلك كان متغيباً، فوافقنا على الفور، قال إد دانكل إنه غاسل أطباق مخضرم، وشرع فوراً بالعمل. أما دين فوقف يلهو حاملاً منشفة، ومثله ماري لو، ثم بدآ يقبلان بعضيهما ويتعانقان بين القدور والمقالي، ثم تواري في زاوية معتمة في غرفة المؤن. ولم يمانع صاحب المحل ما دمت وإد دانكل نقوم بالواجب. أتجزنا العمل في ربع ساعة، وحين بزغ النهار كنا مقترب من نيوجيرزي بينما ملامح نيويورك المتروبوليتية تلوح أمامنا في المسافة المثلجة. لف دين كنزة حول أذنيه لكي تدفئه، قائلاً “نحن زمرة عرب جاءت لتفجر نيويورك”. عبرنا نفق لنكلن إلى تايمز سكواير، لأن ماري لو رغبت برؤيتها.