الزيارة

تزدحم أجندة التاريخ الفلسطيني بالنكبات والهموم ، التي لا زالت تثقله بعد يوم بأشلاء مجزرة هنا وجريمة هناك ، وما زال ذلك الكئيب يتأوه ويصرخ من شدة الألم وقسوة الحياة ولا زالت جراحه العميقة تنزف في حاضر أبناءه وحتى لو كانوا خارج الحدود. ” نهلة غندور ” واحدة من أبناء هذا الوطن… السليب ، ولدت في لبنان ، ولكن فلسطين حاضرة في حياتها ، وها هي تكتب عنها ( الزيارة ) من أرض الجنوب اللبناني إلى عكا أرض الأجداد ، تكتب عن جميل وحاضر ومستقبل مجهول ، بلغة سردية تقوم على المواءمة بين الذاكرة والمخيلة ، فهي تصور وتستمر في الوقت الذي الذي تسرد وتتذكر ” أرض الحلم ” كما كان يحلو لها التعبير عنها بمعزلة قوية إمتدت من عمر فلسطين وعمر أبناءها ” خمس وثلاثون سنة منذ العبور الأول. عبرناها متجهين إلى النبطية محطتنا الموقتة. تلك المحطة التي طالت فيها أيام إنتظارنا. تلك المحطة التي بدأ فيها ذوبان أمل العودة ، تلك المحطة التي أدركنا فيها للمرة الأولى أننا الشعب الذي تم إختباره للأزمة التاريخية التي لن تنضب… “. وبعد ، ( الزيارة ) عمل روائي يعيد للفلسطين نبضها ، العالم أجمع أن هناك لا يزال يحلم بالزيارة إلى ” أرض الحلم “. إنها زيارة إلى أرض الحلم. زيارة معجونة بالماضي والحاضر ، بالذكريات والموروثات. يمتزج فيها الذي فات مع الآني في بوتقة مليئة بالصراعات الحياتية والنفس التواقة إلى إيجاد مرقد أمين تبني عليها مستقبلها. تتداخل الحيوات في صور تحكي ما آلت إليه كينونات أشخاص يحاولون العيش بما لديهم وما هم مجبرون عليه وإلى ماذا يتوقون. إنها فلسطين المغروسة في أجيال عاصرت الإحتلال وأخرى عانت اللجوء وأخيرة ورثت ذاكرة الأرض. بوتقة من الأمل والحنين والغضب المغموس بالمرارة والأسى والتوق إلى الخلاص من أغلال الحاضر. محاولة بسيطة شفافة إلى استرجاع الأوجاع والسعي إلى خلق مسيرة حياة منغرسة في حاضر يرنو إلى الماضي ويتطلع إلى مستقبل جدير بالعيش.